مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون 21 الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من

صفحة 2163 - الجزء 4

  وهو جواب حسن قد تضمن القول بأن الله تعالى هو الخالق لهذه الثمرات عقيب وصول الماء إليها بمجرى العادة، وإبطال قول من قال: إن الله خلق في الماء طبيعة مؤثرة، وفي الأرض طبيعة قابلة، فإذا اجتمع حصل الأثر من تلك القوى التي خلقها الله؛ والقول بأن الله هو الخالق للثمر هو الحق؛ فإن الأجسام لا تؤثر في إيجاد الأجسام.

  وأما الرازي فأجاب بجوابين:

  جملي، وهو: أنه لا شك على كلا القولين أنه لا بُدَّ من الصانع الحكيم، وتفصيلي وهو: أنه لا شكَّ أن الله تعالى قادر على خلق هذه الثمار ابتداء؛ لأنها من جنس المقدورات، والله تعالى لا يعجزه شيء.

  قال: إلا أنا نقول قدرته على خلقها ابتداء لا تنافي قدرته عليها بواسطة هذه القوى المؤثرة والقابلة في الأجسام، قال: وظاهر قولا لمتأخرين من المتكلمين إنكار ذلك، ولا بد فيه من دليل.

  قلت: الدليل ما ذكرناه.

  الوجه الثالث: أنه لو خلقها دفعة من غير هذه الوسائط لحصل العلم الضروري بإسنادها إلى القادر الحكيم، وذلك كالمنافي للتكليف، بخلاف خلقها بهذه الوسائط فإنه يحتاج في إسنادها إلى القادر إلى نظرد قيق وفكر غامض، فيستوجب بذلك الثواب، ولهذا قيل: لولا الأسباب لما ارتاب مرتاب.

  قلت: وهذا ضعيف؛ لأنه لو كان يحصل العلم الضروري بالصانع بخلق المسببات غير متوقفة على أسبابها لحصل بخلق الأسباب أنفسها. والله أعلم.