مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الحادية عشرة [الحث على الزيادة من الأدلة]

صفحة 2166 - الجزء 4

  والهداية، وطلب طمأنينة القلب؛، وزيادة اليقين هو الدين، المتين واشتغال الأنبياء والصالحين، قال تعالى حاكياً عن إبراهيم: {وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}⁣[البقرة: ٢٦٠] وجعل سبحانه للذي من على القرية فقال: {أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا}⁣[البقرة: ٢٥٩] أنواعاً من الأدلة في نفسه، وفي طعامه، وفي حماره {فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ٢٥٩}⁣[البقرة] وقد قيل: إن الهداية المطلوبة في قوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ٦}⁣[الفاتحة] هي الهداية إلى معرفة ما في كل شيء من الدلالة على إثبات الصانع وصفاته كما مر في موضعَةً، وقد بسطنا القول في هذا المعنى في بحث مستقل، وذكرنا فيه أيضاً أنه ينبغي للمصنفين توضيح العبارة وتجنب الاختصار المؤدي إلى عسر الفهم، لمنافاته المقصود بالتأليف: من إرشاد الخلق، وتعريفهم بطرق الحق، وهو بحث نفيس لا ينبغي جهله، ولولا خوف التطويل لأتينا به في هذا الموضع، على أن فيما ذكرناه هنا كفاية، وقد مرَّ في الثانية من مسائل المقدمة، وفي الثالثة من الاستعاذة شيء مما يؤدي هذا المعنى.

  فإن قيل: هل فيما عدده الله تعالى من الأدلة دليل على أنه يجب النظر في كل دليل، وإن كان بعضها موصلاً إلى العلم لا يحتاج إلى غيره أم لا، وإذا قيل: بالوجوب فهل علم وجوبه عقلاً أو سمعاً؟

  قيل: قد قيل بوجوب ذلك عقلاً، احتياطاً للدين وحراسة له، والعقل يوجب الاحتياط للدين وحراسته؛ لأنه ربما طرت شبهة على الناظر فقدحت في دليله فيزول علمه، وإذا كان معه دليل غيره لم يزل بل يجدده لما قد علمه من صحة الدليل الآخر، وقد يستعين