مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون 21 الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من

صفحة 2184 - الجزء 4

  أحلناه هنالك لأن الجواب بنعم أو بلا ينقض أصلاً، قد تقرر، كما مر فى الفاتحة⁣(⁣١) وليس هذا كذلك؛ لأنه لم يتقرر نفي الثاني ولا ثبوته، فصحت الإجابة بنعم على من قال: إذا قدرنا وقوع التمانع بين الإلهين، هل يدل على نفي الثاني لأنا لم ننقض أصلاً قد تقرر، وقال النجري في جواب هذا السؤال: صحة وقوع المحال محال مطلقاً؛ لأن المراد بهذه الصحة هو نقيض الاستحالة ووقوع المحال مستحيل، ولو وصف بالصحة التي هي نقيض الاستحالة لوصف بالنقيضين وهو محال.

  قال: وأما قول أصحابنا بصحة فعل الله تعالى للقبائح، وأن تلك الصحة لا توصف بالاستحالة، وإنما المستحيل هو الوقوع - فمرادهم صحة الفعل، وهو الحكم المقتضَى عن القادرية، لا الصحة التي هي نقيض الاستحالة؛ ألا تراهم يقولون: إن فعل الله للقبائح صحيح من جهة القادرية، مستحيل من جهة الحكمة، فظهر أن بين الصحتين فرقاً، وأن صحة وقوع المحال محال مطلقاً.

  فإن قيل: هما قادران للذات فمقدورهما واحد، وإذا اتحد لم يصح بينهما التمانع، كما أن الواحد منا لا يصح منه ممانعة نفسه.

  قيل: لنا في الجواب عن ذلك طرق:

  أحدها: ما أجاب به أبو إسحاق بن عياش، وهو أن من حق كل قادرين تغاير مقدورهما، سواء كانا قادرين للذات أم لمعنى؛ لأن دليل


(١) في مسائل الحمد لله. تمت مؤلف.