تفسير قوله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون 21 الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من
  استحالة مقدر بين قادرين لم يفصل، وما دَلَّ على صحة التمانع بين القادرين لم يفصل أيضاً بين القادرين للذات أو لمعنى، واعترض بأن هذه الطريقة تنقض قولنا: إن الاشتراك في صفة ذاتية يُوجب الاشتراك في سائر الصفات، فكان يجب إذا قدر أحدها على شيء لذاته أن يقدر عليه الآخر؛ فلا يصح الاعتماد على هذه.
  الطريقة الثانية: ذكرها قاضي القضاة، وهي أنا نعلم صحة التمانع بين القادرين، وإن لم نعلم تغاير مقدورهما، ولهذا فإن نفاة الأعراض يعلمون صحة التمانع، وإن لم يخطر ببالهم تغاير المقدورات ولا تماثلها، واعترض بأنا ما لم نعلم التغاير لم نعلم صحة المتمانع، ونفاة الأعراض يعلمون تغاير المقدورات جملة، وإن لم يعلموها تفصيلا.
  الطريقة الثالثة: أَن مقدوراً بين قادرين محال، وإثبات الثاني يؤدي إليه، فيجب أن يكون محالاً، واعترض بأن هذا انتقال من دليل التمانع إلى غيرهم وأجيب بأنه ليس بانتقال، وإنما هو استعانة ببعض ما يذكر في دليل آخر، دفعاً لسؤال السائل؛ يبين ذلك أنا لم نعتمد في الدلالة على هذا القدر، بل قلنا: لو كان مع الله تعالى قديم آخر لكان قادراً مثله، ومن حق القادرين صحة التمانع؛ ثم لما ورد هذا السؤال أسقطناه باستحالة مقدور بين قادرين، فلا يكون انتقالاً.
  قال السيد مانكديم: والأحسم للشغب أن نحرر دليل التمانع تحريراً آخر، فنقول: لو كان مع الله تعالى قديم لوجب أن يكون قادراً مثله،