الموضع الثاني: في ذكر حجج أهل العدل
  في الأنهار، ونافيه كنافي ظلمة الليل وضياء النهار، وما هذا حاله لا يحتاج إلى نصب دلالة.
  وقال (المقبلي) بعد أن قرر أن هذا أمر ضروري: وهذا هو الحق الذي لا مرية فيه إلا أن لإدراكه مقدمة، وهي أن تفرد نفسك الله تعالى.
  وقال في (الأرواح): وقد شهد الجميع بأن إنكار الفرق ما بين صاعد المنارة والساقط منها ضروري، فتضمن الإقرار والشهادة بإنكار الجبري الضرورة.
  قلت: أراد بقوله: إن إنكار الفرق ضروري أن إنكاره إنكارٌ للضرورة. والله أعلم.
  وقال (أبو الحسين) العلم بأنا المحدثون لأفعالنا ضروري لا مجال للشك فيه؛ لأن العقلاء يعلمون بعقولهم حسن الأمر بها والنهي عنها والترغيب والترهيب والمدح والذم، ويعللون ذلك بكونه فعله، وكل ذلك فرع على أنهم محدثون لها، ومحال أن يعلم الفرع ضرورة والأصل استدلالاً، يوضحه أنهم يطلبون الفاعل طلب المضطر إلى أنه يفعل، ويجد الطالب من نفسه العلم بأن المطلوب الذي يحدث فعله، ولذلك يتلطف لاستدعاء الفعل منه، ويعظه، ويزجره، ويعده ويتوعده بحسب الحال(١)، ويتعجب من فعله وييستظرفه، ويعجب العقلاء منه، ويعلل ذلك بكونه فعله، ونجد من أنفسنا الفرق الضروري بين أمرنا بالقيام والقعود، وبين أمرنا بإيجاد السماء
(١) أي بحسب حال من يطلب منه الفعل فإن بعضهم يفعله إذا وعظ وتلطف في طلبه منه وبعضهم لا يفعله إلا بزجر وتهديد ونحو ذلك. تمت مؤلف.