مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

الفصل الثاني: في تحقيق مسألة أفعال العباد

صفحة 211 - الجزء 1

  والكواكب، فلولا أن العلم الضروري حاصل بأنا الموجدون لأفعالنا لما صح ذلك.

  قال (أبو الحسين): والمجبرة يعلمون ذلك، ولكن جحده علماؤهم ميلاً إلى الهوى وتعصباً للأسلاف، وطلباً للرئاسة، وتقرباً إلى السلطان، وليست شبههم أكثر ولا أدق من شبه السوفسطائية، ولم يدل ذلك على أنهم غير جاحدين للضرورة⁣(⁣١) على أنه يمكن صرف خلاف الجميع إلى أنهم علموا ولم يعلموا أنهم علموا، فإنه لا يمتنع أن تطرأ شبهة في العلم بالعلم لا في العلم نفسه، يزيده وضوحاً أنك إذا حكيت مذهبهم هذا لعوامهم الذين لا يعرفون كيفية أقوالهم لأنكروه، ولنزهوهم عن هذه المقالة، بل تجد علماءهم معتزلة في المعاملات، فلا يذمون إلا من ظلمهم، ولا يحمدون إلا من أحسن إليهم، حتى لو رميت أحدهم بحجر فشجه لذمك ولم يذم الحجر، ولوثب إليك وثبة مضطر إلى أنك الذي جرحته، ولو أخذت عليه دانقاً لما سهل فيه، ولخصك من بين الناس بطلبه.

  وبالجملة فلو جمعت المجبرة في صعيد واحد ثم رأوا رجلاً يقتل آخر، أو يأخذ ماله لشهدوا أنه قاتله ولما خالجتهم شبهة في ذلك، ولو كان الحق ما ذهبوا إليه لكانت شهادتهم بذلك زائرة⁣(⁣٢).


(١) يعني أنا قد حكمنا بأن السوفسطائية منكرون للضرورة مع أن شبههم كثيرة دقيقة فكذلك نحكم بإنكار المجبرة للضرورة ولا تكون الشبهة عذراً لهم. تمت مؤلف.

(٢) لأنها تكون على خلاف الواقع ولأنها صادرة لا عن علم فيكون هذا مقوياً لما تقدم من أنهم علموا وجهلوا علمهم. تمت مؤلف.