مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون 21 الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من

صفحة 2220 - الجزء 4

  وأجيب: بأن ظاهر الآية يدل على أن علة كفر النصارى هو إثبات قدماء مع الله تعالى، ويؤيده قوله: {وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ}⁣[المائدة: ٧٣]، ولا يجوز العدول عن الظاهر إلا لدليل، ولا دليل هنا، وقد مرَّ أَن الظاهر إذا عضده غيره يصير قطعياً، وهذا الظاهر يعضده العقل والنقل، وقد عرفت ما مرَّ عِن الوصي قَرِيَباً، ومن كلامه # في القرآن: (لو كان قديماً لكان إلهاً ثانياً). رواه في النهج، فجعل إثبات الإلهية لازم الإثبات القدم، ومن أثبت إلهاً ثانياً فهو كافر بالإجماع.

  الوجه الرابع: أن القول بالإرادة القديمة يقضي بأن يكون مريداً لجميع الكائنات وفيها ما هو قبيح، ومن وصف الله بإرادة القبيح فقد وصفه بصفة نقص، وذلك كفر، واعترض بأن المجبرة لم تجعل القبائح مستندة إلى إرادة الله تعالى من حيث أنها قبيحة؛ لأن القبيح عندهم هو المنهي عنه، وذلك مما لا يتعلق بالإرادة، بل كلما صدر عن الله تعالى فهو حسن عندهم، وهذا قد اعتقدوه عذراً، وفروا به من الكفر، فلا يمكن القطع بكفرهم مع اجتهادهم في دفعه.

  وأجيب: بأن الدليل القاطع قد دل على أن إرادة القبيح قبيحة، وأنه يقبح من الله تعالى ما يقبح من غيره لو فعله، وأن من وصفه تعالى بصفة نقص فهو كافر ولم يفصل، ولو كان اعتقادهم عذراً لهم لكان اعتقاد المجسمة والمشبهة - بل وسائر فرق الكفر - عذراً لهم، فلا يوجد كافر إلا المعاند؛ والمعلوم خلافه.

  الوجه الخامس: أن القول بالمعاني القديمة يقتضي القول بحاجة الله تعالي إلي غيره؛ لأن عندهم لولا هي لما وجد الباري تعالي،