تفسير قوله تعالى: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين 23 فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار الت
  في المواقف، وجعل محل الخلاف وجه دلالة ذلك المعجز المتأخر، ولا بأس بإيراد حاصل كلامه. ففيه تحقيق للمسألة وبيان موضع الخلاف، وحاصله: أن التأخر إما أن يكون بزمان يسير يعتاد مثله فلا بأس به، وإما أن يكون بزمان طويل. كأن يقول معجزتي: وقوع كذا بعد شهر، فحصل، فاتفقوا على أنه معجز، ولكن اختلفوا في وجه دلالته، فقيل: إخباره عن الغيب. فيكون المعجز على هذا مقارناً للدعوى، لكن تأخر علمنا بكونه معجزا، وإنما انتفى التكليف بتصديق هو متابعته لانتفاء شرط التكليف. وهو العلم بكونه معجزاً؛ لأنه لا يحصل إلا بعد وجود ما وعد به قبل حصول الموعود به، فيكون المعجز على هذا القول المتأخر عن الدعوى؛ واعترض بأن الحصول قد لا يكون خارقاً، فلا يصح جعله معجزاً، وقيل: يصير إخباره معجزاً عند حصوله(١)، فيكون تأخره باعتبار صفته لا غير، وهي كونه معجزاً. وفي الأساس وشرحه: أنه مع التراخي يصير معجزين إن كان ما أخبر به خارقاً، وهما: وقوع ذلك الخارق، وإخباره بالغيب، فإن لم يكن خارقاً فهو معجز واحد وهو إخباره بالغيب. ذكره ابن لقمان في شرحه.
  الشرط التاسع: ذكره الإمام المهدي، وهو أن يظهر المعجز مع بقاء التكليف، وإلا جوزناه خارقا من جملة الخوارق الحادثة بعد ارتفاع التكليف. وقيل: لا حاجة إلى هذا الشرط؛ لأن الكلام فيما كلفناه من تصديق الأنبياء، ومع زوال التكليف فلا تكليف علينا في تصديقهم، بل لا فائدة في بعثة الأنبياء حينئذٍ؛ إذ بعثتهم
(١) أي حصول الموعود به. تمت مؤلف.