مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين 23 فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار الت

صفحة 2248 - الجزء 4

  الحالة الثالثة من حالات المعجز: تراخيه عن وقت الدعوة، وقد اختلف في ذلك، فقال الإمام المهدي، والإمام القاسم بن محمد: يجوز تراخيه عن دعوى النبوة إذا أخبر به فقال: سيقع كذا ووقوعه دال على صدقي، فوقع كما أخبر، وإلا فلا؛ لأنه إن لم يخبر به لم يتعلق به، وإن لم يطابق كان دالا علي كذبه.

  قال النجري: ولا خلاف في جواز تأخره بهذين الشرطين⁣(⁣١). والظاهر وقوع الخلاف في ذلك، فإن السيد مانكديم والقرشي وغيرهما يمنعون من تأخيره؛ لأنه إذا تراخى لم يتعلق به، فلا يكون بالدلالة على صدقه بأولى من الدلالة على تصديق غيره إلا إذا كان قد ثبت صدقه بمعجز عقيب الدعوى على الفور، فيجوز تراخي معجز آخر، كما في إخبار النبي ÷ بقتال علي # الناكثين والقاسطين والمارقين، وكثير من معجزاته #؛ وإنما جاز التراخي حينئذٍ؛ لأنه قد ثبت صدقه بدلالة أخرى؛ والوجه في اشتراط تقدم معجز مقارن أنا مكلفون بتصديقه عند دعوى النبوة، فلا بد من معجز مقارن، وإلا كنا قد كلفنا بما لم نعلم وهو قبيح.

  قال الإمام عز الدين: وفيه نظر، فإنا إنما نكلف تصديقه عقيب ظهور المعجز، فإذا كان لله حكمة في تقدم الدعوى وتأخر المعجز جاز ذلك، وتأخر التكليف بالتصديق، ولا مانع كما في تأخير بعثته من الأصل. قلت: وهذا كلام حسن، وحجة واضحة. وقد روى الاتفاق عليه


(١) وهما إخباره به، ومطابقته. تمت مؤلف.