المسألة الأولى [إثبات نبوة سيدنا محمد ÷]
  يدعي أن هذه المعجزات التي هي طريقنا إلى إثبات نبوة الأنبياء $ حيل لا يمتنع أن يظفر بعض الناس بمعرفة كثير من خواص الأشياء. فيتأتى منه هذه المعجزات.
  واعلم: أن المتكلمين وغيرهم قد فرقوا بين المعجز والشعبذة ونحوها من وجوه:
  أحدها: ما تقدم من أن المعجز لا بد وأن يكون من فعل الله أو جارياً مجرى فعله، بخلاف الحيلة.
  الثاني: أن الحيلة يمكن تعلمها بخلاف المعجز، وذلك معلوم ضرورة فلا يحتاج إلى دليل؛ فإنا نعلم من حال المشعبذين المعجزين بعلمهم غيرهم أنهم إنما أدركوا ذلك تعلماً واستنباطاً، أو لخاصية عرفوها، كما روي أن سحرة فرعون شحنوا حبالهم وعصيهم زئبقًاً، ومن خاصته أنه إذا حمي بحر الشمس اضطرب وتحرك وجرى.
  الثالث: أن الحيل يُوقف على أصلها بعد البحث الشديد، ومعلوم أن أعداء الله ورسلِهِ لم يقفوا على أصل للمعجز مما يدعونه إلى وقتنا هذا، مع شدة بحثهم في إبطال أمر الأنبياء $.
  الرابع: أن الحيلة لا تنفذ ولا تمضي إلا على من لا يتعاطى الحيل، ولا يكون له بها دراية، ومعرفة، بخلاف المعجز فإنه يمضي على جميع الناس من أهل المعرفة بجنسه وغيره؛ ولذلك جعل الله معجزة كل نبي من الجنس الذي يتفاخر به أهل زمانه، ويبالغون في تعاطيه ليظهر عجزهم مع مبالغتهم، فجعل معجزة موسى #