مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين 23 فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار الت

صفحة 2252 - الجزء 4

  قلب العصا حية لما كان الغالب على أهل زمانه قلب الأجناس، وجعل معجزة عيسى # إبراء الأكمه والأبرص؛ لما كان الغالب على أهل زمانه علم الطب ويتفاخرون به، وجعل معجزة نبينا محمد ÷ القرآن، وجعله في أعلى طبقات الفصاحة وحسن النظم؛ لما كان أهل زمانه يتفاخرون ويتباهون بذلك.

  الخامس: أن المحتال لم تجرِ العادة بأنه يأتي بالأمر إلا وفى أهل زمانه من يشاركه في ذلك ويتأتي منه الإتيان بمثله، ولا كذلك المعجز.

  السادس: أن الحيل لا تكون إلا بتعلم وممارسة، وتفتقر إلى آلات وأدوات إذا فقد شيء منها لم تنفذ بخلاف المعجز.

  السابع: أن المعجز يجب أن يكون خارقاً للعادة، والحيل مستنبطة فيأمور معتادة مستمرة.

  قلت: وبهذا الوجه يجاب عما يتوهم فيه من لا يعرف معنى الخارق للعادة أنه في الخوارق مما يعمله النصارى في زماننا هذاء من الأمور العجيبة والأشياء الغريبة، من السيارات في الأرض بعمل النار التي تقطع في اليوم الواحد مسافة أيام، ومن الطيارات في الهواء التي لعلها تقطع في يومها مسافة سنة أو نحوها، والبرقيات التي تبلغ الأخبار من جهة إلى جهة في أسرع وقت، وكذلك الآلات⁣(⁣١) التي بها ينقلون أصوات الخطباء، وأخبار الحروب وغيرها إلى جهات متفاوتة، وأقطار


(١) هي التي يسمونها الرادي. تمت مؤلف. وكذلك الوسائل الحديثة كالتلفاز، والانترنيت، وغيرها من الوسائل السمعية والبصرية.