مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين 23 فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار الت

صفحة 2268 - الجزء 4

  قلنا: بل نقلوه، كما في إسلام عمر، والبراء بن عازب وغيرهما كما تضمنته كتب التأريخ.

  الأصل السابع: أنه لما تحداهم به عجزوا عن معارضته، ولم يأتوا بشيء مما تحداهم به، وذلك ظاهر فإن الدواعي إلى نقل معارضته أقوى من الدواعي إلى نقل القرآن نفسه، فلا يجوز أن ينتقل أحدهما ولا ينقل الآخر؛ وإنما كانت أقوى؛ لأنها ألطف وأشرف، والتعجب منها أظهر لما فيه من إبطال أمره، فكيف يجوز أن يقال: لعلها وقعت ولم تنقل؟! هذا مع أنه قد نقل من المعارضات ما هو دون هذه المعارضة في الغرض، كمعارضة جرير، والفرزدق، وامرئ القيس، وعلقمة؛ بل قد نقلت المعارضات الركيكة كمعارضة مسيلمة، وابن المقفعٍ؛ ثم إنا لو جوزنا معارضة يشتبه الحال فيها لوجب على الله أن يوفر الدواعي إلى نقلها؛ لأنها هي الحجة حينئذٍ - فكيف تخفى وتظهر الشبهة وقد أورد على هذا الأصل اعتراضات:

  الاعتراض الأول: أن من الجائز أن يكونوا قد عارضوا، لكن منعهم خوف المسلمين من نقلها.

  والجواب: أن الخوف إنما يمنع من الظهور والاشتهار، لا النقل فلا يمنعه؛ بدليل أنه قد نقل أقوال المنكرين للصانع، والسَّابين للرسل، ولم يمنع من ذلك خوف المسلمين؛ وأعظم شاهد ودليل ما نال شيعة أمير المؤمنين # من بني أمية، وتوعدهم إياهم على إظهار مناقبه حتى كتموها خوفاً وفرقاً، وبالغ أعداؤه في طمس فضائله وكتمها، فخرج من بين الكتمين ما ملأ الخافقين، ولم يؤثر الخوف إلا في ظهورها