مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين 23 فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار الت

صفحة 2269 - الجزء 4

  واشتهارها في أيام بني أمية، وأما نقلها وروايتها فلم يؤثر في منعه بحال، وبعد، فكان أعداء محمد ÷ في عزة ومنعة، وفي غير أرضهم مواضع يمكنهم إظهار المعارضة فيها، كبلاد فارس، والروم وغيرها؛ وأيضاً لو جوزنا ذلك لجاز لقائل أن يقول: إنه كان في زمن النبي ÷ أنبياء إلا أن المسلمين قتلوهم ولم يجسر أعداؤهم⁣(⁣١) على نقل ذلك للخوف، وكذلك يقال في زمن موسى وعيسى $، والمعلوم أنه لو ادعى ذلك مُدَّعٍ لَكَذبه العرب والعجم؛ ثم إِن المعارضة لو كانت لوجب نقلها لما مر، وقد نقل منها معارضة مسيلمة، وابن المقفع، مع أنها غير معارضة لركتها وسماجتها.

  الاعتراض الثاني: أنهم إنما تركوا معارضته؛ لأنه مما يتكلمون في أشعارهم ومنثور كلامهم بمثله، فلا يكون للمعارضة معنى لوجود ما يدل على المعارضة؛ كما لو ادعى النبوة وقال: معجزتي أني أقعد وأقوم وأنتم لا تقدرون على ذلك، فإن حصول ذلك عندهم على العادة كافٍ في إبطاله.

  والجواب: أن المعلوم ضرورة أنه كان متميزاً عن كلامهم، بزيادة في فصاحته وبلاغته؛ على أنه لو كان الأمر كما قلتم لجرى منهم ما يجري مجرى الاستهزاء؛ لقضاء العادة بذلك، ولما أجمع عليه العقلاء، هذا، مع أنهم قد اعترفوا بتميزه عن كلامهم، وعن السحر والكهانة، كما حكى ذلك القاضي عياض⁣(⁣٢) وغيره.


(١) أي أعداء المسلمين. تمت مؤلف.

(٢) في الشفاء. تمت مؤلف.