تفسير قوله تعالى: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين 23 فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار الت
  فهرب النبي ÷(١) حتى دخل في الناس فنظر فلم يرَ شيئاً، ثم خرج من الناس فنظر فرآه. فذلك قول الله تعالى: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى ١}[النجم] إلى قوله: {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى ٨}[النجم] يعني جبريل إلى محمد {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ٩}[النجم] يقول: القاب: نصف الأصبع {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى ١٠}[النجم] جبريل إلى عبد ربه.
  وأخرج البخاري، ومسلم عن عائشة أنها قالت: أول ما بدئ به رسول الله ÷ من الوحي الرؤيا الصالحة فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه الخلاء، وكان يخلو بغار حراء، فيتحنث فيه (وهو التعبد) ... إلى أن قالت: حتى جاء الحق وهو في غار حراء فجاءه الملك فقال: اقرأ، قال: ما أنا بقاري، قال: فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال: اقرأ، قال: ما أنا بقاري، فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ١ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ ٢ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ٣}[العلق] ثم ساقت في الحديث رجوعه إلى خديجة مرعوباً وانطلاقها به إلى ورقة بن نوفل. وهو حديث طويل، وفي آخره: وفتر الوحي.
  وأخرج البخاري عن جابر بن عبد الله أنه قال وهو يحدث عن فترة الوحي فقال في حديثه: (بينا أنا أمشي إذ سمعت صوتاً من السماء
(١) واعلم أنه ليس معناه الشك فيما أوحي إليه بعد رؤية الملك، ولعله خشي أن لا تتحمل قوته مقاومة الملك، وأعباء الوحي فينخلع قلبه. وتزهق روحه من الفزع كما سيأتي في الفصل الرابع من المسألة الأولى من مسائل قوله تعالى: {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا ...} الآية. والله أعلم.