مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين 23 فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار الت

صفحة 2297 - الجزء 4

  عن الأمور المستقبلة الكاينة على وفقهاء كقوله تعالى: {وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ٣}⁣[الروم] فأخبر عن غلبة الروم لفارس فيما بين الثلاث إلى التسع. فوقع كما أخبر به. ومنه الآية التي نحن بصددها فإنه تحداهم أن يأتوا بسورة من مثله، وأخبر أنهم لا يفعلون ذلك أبداً فكان كما أخبر إلى غير ذلك من المغيبات التي أوقف الله عليها رسوله لتكون دلالة على صدقه، وهذا القول حكاه الموفق بالله عن النظام.

  وقيل: وجه إعجازه أنه مع طوله واشتماله على فنون القصص والأحكام لم يوجد فيه تناقض ولا اختلاف، وتمسكوا بقوله تعالى: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ٨٢}⁣[النساء] وهذا رواه الموفق بالله عن أبي علي.

  وقال بعض المجبرة: بل وجهه كون قارئه لا يمله، وسامعه لا يمجه⁣(⁣١)، بل الإكباب على تلاوته يزيده حلاوة، وترديده يوجب له محبة، وغيره من الكلام ولو بلغ من الحسن والبلاغة مبلغه يمل مع الترديد، ويعادى إذا أعيد، ولهذا وصفه رسول الله ÷ بأنه لا يخلق على كثرة الرد، كما مرَّ في المقدمة من حديث علي #.

  وقال الخطابي: قد قلت في وجه إعجاز القرآن وجهاً ذهب عنه الناس، وهو صنيعه في القلوب، وتأثيره في النفوس. أقول: هذا الوجه هو الذي يسمونه الروعةِ بفتح الراء وهي الخوف والحزن الذي يطرأ عند سماعه وتلاوته لجلالته وهيبته، وقد عدها القاضي عياض


(١) أي لا يكره تكرار سماعه. يقال: مج الشراب ونحوه إذا رماه من فيه فأقيم الأذن مقام الفم واللفظ مقام الماء من باب الاستعارة. تمت مؤلف.