تفسير قوله تعالى: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين 23 فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار الت
  وقال المرتضى: بل سلبهم العلوم التي يحتاج إليها في المعارضة، بمعنى أن المعارضة والإتيان بمثله يحتاج إلى علوم يقتدر بها عليها، وكأن تلك العلوم حاصلة لهم، لكنه تعالي سلبها عنهم. فلم تبق لهم قدرة عليها. ومقتضى مذهب هؤلاء على ما ذكره الإمام يحيى - أن الله تعالى لم ينزل القرآن ليكون حجة على النبوة، وإنما أنزله لبيان الحلال والحرام، وتعليم سائر الأحكام؛ وإنما لم يعارضوه؛ لأن الله تعالى صرفهم عن ذلك مع قدرتهم عليها، وعلى هذا فليس القرآن معجزة.
  قال الإمام عز الدين: وفيه نظر؛ لأن المشهور أن الصرفة وجه إعجاز القرآن، وذلك تصريح بإعجازه، ولا معنى لكونه حجة على النبوة إلا كونه معجزاً، فالمشهور عنهم خلاف ما ذكره.
  قلت: ويدل على ذلك إجماع الأمة على أن القرآن معجزة دالة على نبوة نبينا محمد ÷، ولو كان الأمر كما ذكرها لإمام يحيى لم يصح دعوى الإجماع.
  وقال السكاكي: إعجاز القرآن يدرك ولا يمكن وصفه، كاستقامة الوزن، تدرك ولا يمكن وصفها، وكالملاحة، قال: ولا يدرك تحصيله لغير ذوي الفطرة السليمة، إلا بإتقان علمي المعاني والبيان والتمرين فيها. ونحو قوله حكاه الخطابي عن أكثر أهل النظر، فقال: ذهب الأكثرون من علماء النظر إلى أن وجه الإعجاز فيه من جهة البلاغة؛ لكن صعب عليهم تفصيلها، وصغوا فيه إلى حكم الذوق.
  وقال قوم: وجه إعجازه اشتماله على الإخبار بالمغيبات المستقبلة، فوجدت كما أخبر، وذلك كثير يعرف بتتبع القرآن وإخباراته