مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الخامسة [في شروط ثواب الأعمال]

صفحة 2343 - الجزء 4

  وقالت المرجئة: الآية على ظاهرها فتدل على أن من فعل الإيمان والعمل الصالح فقد استحق الثواب الدائم، والتزموا القطع بانقطاع عقاب الفاسق.

  وإذا قيل لهم: فما تقولون فيمن آمن وعمل الصالحات ثم كفر؟

  قالوا: هذا ممتنع الوقوع؛ لأن فعل الإيمان والعمل الصالح يوجب استحقاق الثواب الدائم، وفعل الكفر يوجب استحقاق العقاب الدائم، والجمع بينهما محال، والقول بالإحباط محال أيضاً، فلم يبق إلا أن نقول: هذا الفرض الذي فرضتموه ممتنع الوقوع. وهذا القول حكاه الإمام المهدي في (القلائد) عن المرجئة، وفي شرحها عن الإمامية أو بعضهم، وهؤلاء كما منعوا الإحباط منعوا التكفير وهو سقوط العقاب بالثواب.

[أدلة القائلين بإحباط الأعمال]

  لنا على ثبوت الإحباط أدلة كثيرة عقلية ونقلية:

  أما العقلية فمن وجوه:

  أحدها: ما مر⁣(⁣١) من أن العقاب يستحق دائماً، وكذلك الثواب، وإذا وما بعدها كان كذلك استحال اجتماع استحقاقهما؛ لتنافيهما، فتساقطا، وإِنما قلنا باستحالة اجتماع الاستحقاقين؛ لأن الثواب يستحق على سبيل التعظيم، والعقاب يستحق على سبيل الإهانة والاستخفاف،


(١) في الثالثة عشرة من مسائل قوله تعالى: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ ...} الآية. تمت مؤلف.