المسألة الخامسة [في شروط ثواب الأعمال]
  واستحالة كون الواحد معظماً مهاناً في وقت واحد من فاعل واحد معلوم بالضرورة. واعترض الرازي هذا الدليل فقال:
  إن أردتم بالاستحالة المذكورة من حيث النطق باللسان بالمدح والذم في وقت واحد، فمسلم؛ لكن تعذر النطق بهما ليس لأجل تنافيهما، بل لتعذر النطق بهما في وقت واحد، وإن أردتم بالاستحالة من حيث الاعتقاد فلا نسلم فإنه يمكن الإنسان أن يعتقد استحقاق شخص للتعظيم من وجه ويعزم عليه، وإهانته والاستخفاف به من وجه آخر ويعزم عليه، فيجتمع التعظيم والإهانة القلبيين؛ فبطل التنافي الذي أوجبتم لأجله الإحباط، وإنما يمتنع اجتماع التعظيم والإهانة إذا كانا من جهة واحدة.
  والجواب: أنا نعلم ضروة أن الاستحقاق للشيء فرع على صحة إيصاله إلى المستحق، وأما مع استحالته فلا يصح وصفه باستحقاقه، ويعلم ضرورة أيضاً أن الشخص الواحد لا يصح منه تعظيم شخص واحد وإهانته في وقت واحد، سواء اتحدت الجهة أم تعددت، وسواء كان ذلك بالقلب أم بغيره، وليس ذلك إلا للتنافي لكونهما بمنزلة الضدين والنقيضين في استحالة اجتماعهما في الاستحقاق؛ لما بيناه من أن الاستحقاق فرع على صحة الوجود.
  قوله: فإنه يمكن الإنسان أن يعتقد ... إلخ.
  قلنا: مسلم، لكنه إنما صحّ على حسب صحة ثبوتهما(١)؛ وثبوتهما
(١) أي الاستحقاقين. تمت مؤلف.