مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابها و

صفحة 2356 - الجزء 4

  إذ لا مانع من أن يثبت للعبد من الحسنات والسيئات ما يستوي به ثوابه وعقابه، ويكون بمنزلة من لا حقَّ له ولا عليه، وإنما يمتنع وصول المستحقين⁣(⁣١) في حالة واحدة لتنافيهما، وأما الاستحقاقان فلا إحالة في ثبوتهما وتساقطهما كما يتساقط الدينان، وإنما منع من اجتماعهما السمع، وهو الإجماع على أنه لا بد للمكلف من الجنة أو النار، وعلى أنه لا دار ثالثة غيرهما في الآخرة، فلو استوت حسناته وسيئاته لم يخل إما أن يدخل النار وذلك ظلم، أو يدخل الجنة وهو باطل؛ لأنه لا ثواب له فيدخلها مثاباً، ولا يصح أن يدخلها تفضلاً؛ للإجماع على أنه لا يدخل الجنة مكلف إلا مثابًا؛ ليتميز حاله عن حال الصبيان والمجانين، قال في (الغياصة): وإن دخلها متفضلاً عليه لم يجز؛ لأن الإجماع منعقد على أنه لا بد للمكلفين في الجنة مما يميز حالهم عن حال الولدان ومن ليس بمكلف، والتمييز لا يكون إلا بالثواب، فليس إلا أنه لا يجوز الاستواء.

  إذا عرفت هذا فنقول: هؤلاء المانعون للتساوي لا يرد عليهم شيء من هذه اللوازم؛ لأن موردها أوردها على فرض القول به، وهم يمنعونه كما ترى.

  القول الثاني: أنه لا منع من ذلك، بل يجوز استواء استحقاق الثواب والعقاب عقلاً وسمعاً، وهذا قول زين العابدين، والقاسم بن إبراهيم، والمؤيد بالله، والمنصور بالله، والإمام عز الدين،


(١) وهما الثواب والعقاب. تمت مؤلف.