مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابها و

صفحة 2357 - الجزء 4

  والشعبي من التابعين، والقاضي جعفر، والشيخ الحسن الرصاص، والفقيه حميد الشهيد⁣(⁣١)، واحتجوا على ذلك عقلاً بما مرّ عن أبي هاشم، وسمعاً بأن قالوا: لا نسلم الإجماع على نفي التفصيل سلمنا فآحادي والمسألة قطعية، أعني جواز أن يدخل الجنة تفضلاً.

  قال القرشي: على أنه يصح أن يتميز عن الصبيان والمجانين بكثرة التفضل، وليس في الإجماع تصريح بأن التمييز لا بد أن يقع بالثواب. وهؤلاء موافقون للجمهور في أنه لا دار ثالثة؛ وإنما يدخل الجنة بالتفضل {وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا ٢٠}⁣[الإسراء].

  وقال بعض الصوفية: إنه يجوز الاستواء؛ لكن من كان كذلك فلا يدخل الجنة بل يصير إلى دار ثالثة وهي الأعراف التي ذكرها الله تعالى في القرآن. وقد أجاب عليهم العلماء بما سنذكره إن شاء الله في موضعه.

  قال الإمام عز الدين ما معناه: إنه لا يستحيل في العقل أن يكون المراد بالأعراف ما ذكره الصوفية وما ذكره غيرهم، وليس فيه ما يدل على شيء من ذلك؛ إذ لا مجال له في أمور الآخرة الغيبية، ولا شيء مما ذكروه مستحيل في القدرة، ولا في الحكمة، فلا يصح القطع بشيء إلا بدليل سمعي، ولا قطع فيما ذكره أهل هذه المذاهب من الأدلة.

  إذا عرفت هذا فنقول: ما ورد في هذا القسم إنما يرد على هؤلاء


(١) للإمام المهدي # في تحقيق جواز المساواة كلام مفيد لكنه لم ينص على أنه يدخل الجنة أو النار أو داراً ثالثة فليتأمل. تمت مؤلف.