مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة التاسعة [أحكام تتعلق بالثواب]

صفحة 2378 - الجزء 4

  ومجاهدة النفس في ترك الشهوات العظيمة، ولا يحسن من الحكيم التكليف على هذا الوجه؛ وأيضاً المدح لا يستحق من الله تعالى خاصة، بل هو وغيره سواء في استحقاق المدح من جهته، وما يستحق في مقابلة التكليف يجب أن يكون من فعل الله تعالى؛ لأنه الذي كلف بالشَّاق.

  فإن قيل: أليس الإنسان قد يتحمل المشاق العظيمة في طلب المدح من السلطان، فكيف لا يعتد بمدح الرحمن، ويتحمل لأجله التكاليف؟

  قيل: إنما يرغب في ذلك لما يرجوه من الوصول إلى منازل سنية عند السلطان ومنافع عظيمة، ولو علم أنه لا يكون من السلطان إلا مجرد المدح لم يرضَ به؛ ولذلك يفرق بين مدحه ومدح العامي الذي لا يصل بمدحه إلى رتبة.

  فإن قيل: أليس العرب يبذلون مهجهم وأموالهم طلباً للمدح والذكر، حتى عدّوا الذكر عمراً ثانياً؟

  قيل: إنما ذلك من جهالتهم، مع أنه لا بُدَّ أن يكونوا قد اعتقدوا فيذلك نفعاً يزيد على ما يلحقهم من المشاق.

  قال السيد مانكديم: وصار ذلك كإيصائهم بعقر بعير، وحبس جمل أو فرس على قبورهم، ونصب السراج، ووضع السيوف عليها، كُلُّ ذلك لما يعتقدون فيه من النفع العظيم.

  دليل آخر: وهو أنه يستحق المدح على فعل الواجب وترك القبيح وإن لم يكن في فعله مشقة؛ ولذا استحقه الباري تعالى على فعل