مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابها و

صفحة 2384 - الجزء 4

  التعظيم ما يوافي عليه كثيراً لكان مساوياً له؛ ولذلك إن العاقل قد يؤثر المنافع الزائدة على أجزاء التعظيم على تلك الأجزاء، فإذًا لا يتميز إلا بكونه خالصاً عن المكدرات.

  فإن قيل: كونه خالصاً يرجع إلى النفي، والنفي لا يقع به التمييز؛ لأنه مع الثواب وغيره على سواء.

  قيل: لا نسلم؛ لأنه تميز بوقوعه على هذا الوجه، وذلك أمر يخصه لا يشاركه فيه غيره.

  قلت: والقول بأنه لا يتميز بالدوام والتعظيم هو الذي ذهب إليه الموفق بالله، وأما القرشي فعدَّهما من الصفات التي يتميز بها الثواب عن غيره.

  الوجه الرابع: أن الله قد كلفنا المشاق فلا يجوز منه أن يكلفنا ذلك ثم لا نظفر منه إلا بمنافع مثلها أو مقاربة لها؛ لأن مثل ذلك مما يحسن الابتداء به، فلا يكون للتكليف فائدة.

  الخامس: أن المكلف مرغب في الثواب، فلا بُدَّ أن يتميز حاله عن حال التكليف في الخلوص من المشاق والمضار، ولذلك زال التكليف عن المثابين، وصاروا كالملجئين؛ لأنه لم يقابل دواعيهم إلى الحسن صارف ولا صوارفهم عن القبح داعٍ.

  وهاهنا سؤال، وهو: أن اللذة لا تحصل إلا بعد الجوع، فلا بد من أن يجوع أهل الجنة، فيحصل لهم اللذة، والجوع ألم، وأيضاً درجاتهم متفاوتة في الجنة، فلا بد من أن يشتهي الناقصة درجته أن ينال درجة من