مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابها و

صفحة 2383 - الجزء 4

  والدلائل القرآنية والسنة النبوية صريح في ذلك، وقد استدل عليه من جهة العقل بوجوه:

  الأول: أن الثواب في مقابلة ما كلفناه، وهو قد وقع منًّا على نهاية ما يصح أن يؤدى لوجوبه، فيجب في المستحق عليه أن يكون على أبلغ ما يمكن وهو خلوصه من الشوائب.

  فإن قيل: إنما يلزم نهاية ما يمكن من الثواب لو وقع التكليف بنهاية ما يمكن من المشاق، والمعلوم أن التكليف وقع بالأخف، فكيف يستحق عليه نهاية ما يمكن من الثواب؟

  قيل: الثواب في مقابلة أداء ما كلف، وقد أداه على أبلغ ما يمكن الوجه الذي يجب فاستحق الجزاء عليه على وجه لا يشوبه منغص؛ وقد قيل: إن التكليف قد وقع على أبلغ ما يمكن في إزاحة العلل، فلا بُدَّ من كون المستحق عليه خالصاً.

  الوجه الثاني: أن الله تعالى لو فعل الألم بأهل الجنة لكان إما مستحقاً أو لطفاً، وكلاهما محالان؛ لأنه لا يجوز أن يستحقوا عقاباً؛ لمنافاته للثواب كما مرَّ، واللطف لا يكون إلا لمكان التكليف، ولا تكليف عليهم.

  الثالث: أن الثواب يجب أن يتميز عن غيره، وتميزه إما بكونه دائماً أو مقترناً بالتعظيم، أو خالصاً، الأول باطل؛ لأن الدوام ثابت في التفضل؛ إذ لا يجوز دوامه؛ ولأن الدوام مما سيحصل، وما يقع به التمييز يجب أن يكون مقارناً، والثاني باطل أيضاً؛ لأنه لو كان بإزاء