مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثالثة [في ماهية الحق]

صفحة 2407 - الجزء 4

  قلت: كان الأولى أن يقال: فلا يسمى فعل غير العالم حقاً؛ ليدخل فعل الباري تعالى فإنه يسمى حقاً؛ لأنه موجود بحسب الحكمة، وقد سماه الله تعالى حقاً⁣(⁣١)؛ قال تعالى في القيامة وهي فعله: {وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ}⁣[يونس: ٥٣]، وقال تعالى: {وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ}⁣[آل عمران: ٧١] {الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ}⁣[يونس: ٩٤] {وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ}⁣[البقرة: ١٤٩].

  وقال أبو القاسم: الحق ما يجب قبوله وأداؤه في العقل. ومقتضاه أنما عدا الواجب لا يوصف بأنه حق وإن وصف به فتجوز، ولعله نظر إلى المعنى اللغوي، لكن ما ذكره الراغب من أنه في الأصل المطابقة يدل على شموله لكل فعل حسن؛ لأن كل حسن فهو مطابق لحكم العقل. والله أعلم.

فائدة

  قال الراغب: إحقاق الحق على ضربين:

  أحدهما: بإظهار الأدلة والآيات، كما قال تعالى: {وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا ٩١}⁣[النساء] أي حجة قوية.

  والثاني: بإكمال الشريعة وبثها في الكافة كقوله تعالى: {وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ٨}⁣[الصف] وقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ}⁣[الصف: ٩].


(١) كما في هذه الآية، فإنه سعى ضرب المثل حقاً في قوله: {فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ}. تمت مؤلف.