مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الرابعة [في مسألة الإرادة]

صفحة 2418 - الجزء 4

  ورد الوديعة، فإنه لا يجب أن يراد، واحترزوا بقولهم أن لا يكون ممنوعاً من إرادته عمن دعاه الداعي ويمنع⁣(⁣١) من إرادته فإنه يأكل لا محالة ولا يحتاج إلى إرادة، وكذلك الواقف على باب الجنة إذا علم ما فيها من النعيم ومنع من إرادة دخولها وخلق فيه إرادة دخول النار فإنه يدخل الجنة من دون إرادة.

  الوجه الثاني: أن تقع أفعاله على وجوه مختلفة من نحو كون كلامه أمراً أو خبراً أو نحو ذلك، ولا يصح وقوع الفعل على الوجوه المختلفة إلا من مريد؛ وبيانه أنه إذا قال القائل: محمد رسول الله، جاز أن يكون خبراً عن محمد بن عبد الله وعن غيره من المحمدين، ولا ينصرف إليه إلا بأمر، وليس إلا إرادته.

  فإن قيل: ولِمَ قلتم: إن ذلك الأمر ليس إلا الإرادة؟

  قيل: لمثل ما مرَّ في إثبات كون الأكوان معاني، وتحريره هنا أن نقول: لا يخلو إما أن يكون خبراً عنه لذاته، أي لذات الخبر، أو لشيء من صفاته الواجبة⁣(⁣٢) الجائزة⁣(⁣٣) وذلك باطل، وإلا لما صح أن يقع مرة فيكون خبراً، ويقع أخرى فلا يكون خبراً؛ لأن الواجب في الصفة المستحقة للشيء لذاته أو لما هو عليه في ذاته أن لا يتخلف، كما مرَّ في الأكوانَ، والمعلوم أنه قد يقع ولا يكون خبراً، نحو صدوره


(١) بأن يخلق الله فيه كراهات لا يتمكن معها من فعل الإرادة؛ لأن المنع لا يكون إلا بضد أو ما يجري مجراه. تمت مؤلف.

(٢) كالذاتية، تمت مؤلف.

(٣) كالوجود والحدوث. تمت مؤلف.