مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مث

صفحة 2436 - الجزء 4

  قيل: لم يختلف الحال في صفة النقص بين أن تكون مستحقة للذات أو لمعنى؛ دليله كونه جاهلاً، فإنه لم يختلف في كونها صفة نقص بين أن تكون مستحقة للذات أو لمعنى.

  واعلم أن كثيراً من هذه اللوازم يختص القول بأنه مريد لذاته.

  وأما القائلون بالمعنى القديم فيلزمهم أن يكون مع الله تعالى إلهاً آخر تعالى الله عن ذلك.

  الوجه الثاني مما احتج به الأولون أنه تعالى لو كان مريداً لذاته أو لمعنى قديم لاستحال خروجه عن هذه الصفة، ككونه عالماً قادراً، والمعلوم خلافه؛ لا سيما على مذهب الخصم من أنه لا يريد الواقعات، فيريد الإيمان من زيد ما دامٍ يفعله، فإذا كفر أو مات أو عجز خرج الباري تعالى عن كونه مريدًا له.

  الوجه الثالث: أنه لو كان تعالى مريداً لذاته أو لمعنى قديم لبطل الاختيار في أفعاله تعالى، ولما صح وصفه بالقدرة على إقامة القيامة الآن، إلى غير ذلك من التقديم والتأخير والزيادة والنقصان؛ لأن الإرادة القديمة لم تتعلق بذلك، وما لم تتعلق به استحال وقوعه.

  قال القرشي: وليس لهم أن يقيسوه على العلم؛ لأنها لا تجوز القدرة على خلاف المعلوم وهم لا يجوزون تعلق الإرادة بخلاف المعلوم، وهذا يبطل ما قد قامت عليه الدلالة من أنه إن شاء فعل وإن لم يشأ لم يفعل، وقد نطق القرآن بذلك، قال تعالى: {وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ}⁣[الإسراء: ٨٦] يوضحه أن الشرط لا يدخل إلا المستقبل، ولا بُدَّ أن يعترفوا بأنه أراد هذا الشيء مع جواز أن لا يريده.