مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مث

صفحة 2457 - الجزء 4

  لا ينفي الباري سبحانه وتعالى، وقد نفى الجواهر مع عدم اختصاصه بها غاية ما يمكن وهو الحلول فيها.

  قيل: إنما نفى الجواهر لأنه ضد لها، والقديم لا يضاد الفناء، وإن كان وجوده على حد وجوده، دليله السواد والحلاوة إذا وجدا في محل واحد فطرأ عليهما بياض. فإنه لا ينفي الحلاوة لما لم يكن ضداً لها مع أنه موجود على حدِّ وجودهما معاً⁣(⁣١).

  هذا. وأما سائر الأقوال فقد تقدم ذكر شبههم وإبطالها.

  وأما الرافضة فإذا كان قولهم مستقلاً فإن كان مبنياً على التجسيم فيكفي في إبطاله إبطال أصله، وإن لم يكن مبنياً على ذلك فيقال لهم: لا واسطة إلا العدم، ولا تأثير له؛ والإرادة يجب أن تكون مؤثرة في المراد.

  وأما الحضرمي فيلزمه أن يكون المريد غير الباري تعالى، ولو سلم له ذلك لزم منه حاجة الباري تعالى إلى ذلك المحل؛ لأنه تعالى لا يفعل شيئاً إلا بإرادة؛ وأيضًا، قد ثبت أن ما عدا الباري تعالى فهو مخلوق، فمحل الإرادة يجب أن يكون أول مخلوق، فإما أن تقولوا هو غير مراد لعدم وجود محل للإرادة لزم أن يكون الله تعالى قد أوجد ما لا يريد، وذلك يستلزم العبث والسفه، وإما أن تقولوا: هو مراد احتاجت هذه الإرادة إلى محل غيره، ولزم في هذا المحل ما لزم في الأول، فيؤدي إلى التسلسل.


(١) وهو كونه في محل. تمت مؤلف.