مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الرابعة [في مسألة الإرادة]

صفحة 2460 - الجزء 4

  الفعل من دونها كمن قُدِّم إليه طعام وهو محتاج إليه ثم منع من إرادته. فإنه يأكله لا محالة مع عدم إرادته؛ وحصول المانع من الإرادة جائز؛ لأنها من جملة المقدورات، ويجوز أن لا يخلق الله فينا القدرة عليها، وقد مرَّ نحو هذا في الموضع الأول.

  وأما ما يحسن أن يراد فهو الحسن إذا لم يتعلق بالإضرار بالنفس. ولميكن عبثاً، فإن كان في الحسن إضرار بالنفس فتجب إرادته عند أبي علي، وابن متويه، كالعاصي إذا أراد نزول العقاب بنفسه؛ لأن العقاب ضرر محض، فكما لا يحسن فيه إنزاله بنفسه، فكذلك لا يحسن منه أن يريد نزوله به.

  وقال أبو هاشم: هو ملجأ إلى عدم إرادة ذلك، فلو فعل الإرادة احتمل حسنها لا متعلقها⁣(⁣١) حسن، وهي تابعة للمراد، واحتمل قبحها؛ لأنها إرادة للإضرار بالنفس.

  وأما اشتراط أن لا يكون عبثاً فإنما ذكر للاحتراز به عن إرادتنا للمكروهات، وعن إرادة الباري تعالى لها، وللمباحات عند من لا يجوز عليه تعالى إرادة المباح.

  قال الإمام عز الدين: أما إرادتنا للمكروهات فلا نسلم قبحها إذا كان لنا فيها غرض، بل تكون حسنة؛ لأن حسن الإرادة يثبت إذا تعلقت بحسن مع غرض فيه، فإن لم يكن في المكروه غرض قبحت إرادته؛ لأنه عبث، والعبث قبيح، وإرادة القبيح قبيحة،


(١) هكذا في الأصل، ولعلها (لأن متعلقها).