مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

الموضع الثالث: في ذكر شبه المخالفين والرد عليها

صفحة 240 - الجزء 1

  وأما قولهم إن الحدوث متماثل فباطل لأن التماثل والاختلاف إنما يصحان على الذوات دون الصفات، فكيف يصح وصف الحدوث بذلك على أن المتعلق بنا هو ذات الحركة على وجه الحدوث، ولا يلزم من القدرة على اتحاد ذات القدرة على سائر الذوات، ولا من القدرة على إيجاد ذات على وجه القدرة على إيجادها على وجه آخر.

  قال السيد (مانكديم): وإنما كان يجب ذلك لو ثبت في الذوات كلها من الجواهر والألوان أنها تقف على قصدنا ودواعينا لا الحدوث، ثم يقال لهم: أليس أن وجه الكسب ثابت في هذه التصرفات على وجه واحد، ولم تجب في القادر على بعضها أن يكون قادراً على جميعها، فهلا جاز مثله في مسألتنا.

الشبهة الثالثة [القدرة على إحداث الأفعال]

  قالوا: لو قدر أحدنا على إحداث أفعاله لوجب أن يقدر على إعادتها كالباري تعالى.

  والجواب: ليس العلة في قدرة الله تعالى على الإعادة هي قدرته على الإحداث، ولا دليل على ذلك بل العلة كونه قادراً لذاته وأحدنا قادر بقدرة، والقدرة لا تتعلق على التفصيل إلا بمقدور واحد، مع أنهم أقاسوا الشاهد على الغائب وهو عكس الصواب، وأيضاً يلزمهم في الكسب مثله على أن في أفعال الله تعالى ما تستحيل إعادته، فيبطل قولهم: إن من قدر على إيجاد شيء قدر على إعادته.

  فإن قيل: وما الذي تستحيل إعادته من أفعاله تعالى؟