الموضع الثالث: في ذكر شبه المخالفين والرد عليها
  قيل: هو ما فعل بسبب(١)، والأجناس التي لا تبقى كالصوت ونحوه. أما الأول: فلأنه لو أعيد ابتداء للزم أن يكون له في الوجود و جهان(٢) فيحصل على أحدهما بقادر وعلى الآخر بقادر آخر، وفي ذلك صحة مقدور بين قادرين وهو محال، ويلزم أيضاً قلب ذاته لأن احتياجه إلى سببه ذاتي له، وإن أعيد بسبب فإن كان ذلك هو السبب الأول لم يصح، وإلا لزم أن يكون للسبب الواحد في الوقت الواحد مسببان: أحدهما المعاد، والآخر مسبب الوقت، والسبب كالقدرة لا يكون له في الوقت الواحد إلا مسبب لا يتعداه إلى غيره.
  قال الإمام (المهدي) #: إذ لو صح تعديه في الوقت الواحد إلى أكثر من مسبب واحد لزم أن لا يقتصر على حد فيتعدى، ولا حاصر فيصح أن يولد ما لا نهاية له، فيلزم إذا قدرنا على فعل السبب أن نقدر على ما لا نهاية له من المسببات، فيلزم ما قدمنا من المحال.
  قلت: أراد # بما قدمه من المحال أن السبب إذا كان مقدوراً لنا لزم منه والحال هذه ممانعة القديم تعالى؛ لأنا إذا قدرنا أنه أراد تحريك جسم وأردنا تسكينه، فإنه كلما أوجد حركة أوجدنا سكوناً ثم كذلك، فلا يصح منه تحريكه في ذلك الوقت، وممانعة القديم محال فما أدى إليه فهو محال، والذي يؤدي إليه هو تعدي السبب والقدرة، وإن كان غيره(٣) فذلك يقتضي اجتماع سببين على توليد مسبب واحد، فيؤدي إلى مقدور بين قادرين.
(١) وهو المتولد. تمت مؤلف.
(٢) وهما الابتداء والتوليد. تمت مؤلف.
(٣) أي غير السبب الأول. تمت مؤلف.