المسألة الرابعة [في مسألة الإرادة]
  وقال أبو هاشم: بل يجوز ذلك، واختاره الإمام القاسم بن محمد، والدواري في (الغياصة).
  قال الإمام المهدي: وهو الأقرب؛ إذ فيه كمال النعمة لهم إذا علموا أنه يريده، كما أن الضيف إذا علم أن المضيف يريد منه الأكل فإنه يكون ألذّ وأهنأ، ولاتفاق العقلاء على أن السخي إذا وفر العطاء فإنه يريد أن المعطى يقبل منه ما أعطاه، والله ø أولى بذلكِ لكرمه وغناه، ويدلُّ عليه سمعاً قوله تعالى: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا}[الطور: ١٩] وظاهر الأمر يقتضي إرادته إلا لدليل، وإن لم يقتض كونه واجباً ولا مندوباً لسقوط التكليف، لكن لفعله على تركه مزية، وهو كونه ثواباً يستحق علي أبلغ الوجوه.
  فإن قيل: هلاَّ جاز إرادة أكل أهل الدنيا ونحوه ليكون أكمل في الإحسان ويكون تفضلاً؟
  قيل: قد مرَّ الجواب عن هذا في الفصل الأول؛ وأما قولهم: إنه يكون تفضلاً، فالتفضل غير واجب على الله تعالى فلا يكون إلى العلم بتلك الإرادة طريق، فيكون عبثاً بخلاف نعيم أهل الجنة لوجوبه.
  قلت: لقائل أن يقول: الطريق إلى العلم بذلك في المباح موجودة، وهي ما تقدم من الدليل العقلي، ولورود الأمر بالأكل ونحوه كما مرَّ، واستدل له السيد أحمد الشرفي بحديث: (إن الله يحب أن تؤتى رخصه ...) الخبر، وقد مرَّ تخريجه في الرابعة من مسائل قوله تعالى: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ}[البقرة: ٩] ثم أورد سؤالاً، وهو: إنكم قد قلتم: إن الإرادة