تفسير قوله تعالى: {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مث
  في حق الله تعالى المراد وعلمه باشتمال الفعل على المصلحة. فما هي في المباح ونعيم أهل الجنة؟ وأجاب بأنها الأمر بالمباح والإخبار به، وبيان حكمه، ونعيم أهل الجنة مع نصب قرينة ترجح الفعل على الترك، أو علمه باشتمال ذلك الفعل على المصلحة.
  نعم، ولقائل أن يقول: إذا كان الثواب مستحقاً على أبلغ الوجوه وقد قلتم: إنه يجوز إرادة التذاذ أهل الجنة - فإنه يجب القطع بوقوع تلك الإرادة؛ لأن أبلغ الاستحقاق لا يحصل من دونها، ولا مانع منها.
  قلت: أما قاضي القضاة فقد حكى عنه الحاكم وجوبها لذلك، ويوضحه أن تعظيمهم يظهر بهذه الإرادة؛ ولأنه لما وفر دواعيهم ومنع صوارفهم صار ملجئاً لهم إلى الانتفاع، والملجئ إلى فعل لابُدَّ أن يريده.
  وقال الإمام المهدي: الأقرب عدم الوجوب، وإنما الواجب خلق الشهوة والمشتهى، والتمكين منه على وجه التعظيم، ولا دليل على وجوب أكثر من ذلك؛ ولا نسلم أن الإلجاء يوجب الإرادة، بل يجوز أن تتعلق إرادته بمجرد الإلجاء، سيما إذا كان إلجاء بطريق الدواعي والصوارف، كما خلق فينا شهوة المباح في الدنيا ولم يصرفنا عنه صارف يقاوم الداعي ولم تجب إرادته.