مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثامنة [الهداية]

صفحة 2520 - الجزء 4

  وأكرهه عليه؛ على أنه لو صح من جهة اللغة لامتنع من جهة العقل لما مرَّ من بطلان القول بالجبر.

  فإن قيل: إنما يكون ممتنعاً عقلا على القول بالجبر المحض، وأما على رأي من يثبت للعبد كسباً فلا؛ لأنه يقول: الهدى خلقٌ للهو كسبٌ للعبد.

  قيل: هذا الكسب غير معقول، سلمنا فوقوع حركة العبد للطاعة وغيرها إن كان خلقا لله، فمتى خلقه الله استحال من العبد الامتناع منه، وإذا لم يخلقه استحال منه الإتيان به، وهذا عين الجبر، وإن لم يكن خلقا لله فهو مذهبنا. وأيضاً، لو كان كما قلتم لكان لا يخلو من أن يخلقه الله ثم يكتسبه العبد، أو العكس، أو يقع الأمران معاً، إن كان الأول لزم الجبر، وإن كان الثاني لزم أن يكون الباري تعالى مجبوراً على خلقه - تعالى الله عن ذلك -، وإن كان الثالث لزم أن لا يحصل الفعل إلا بعد اتفاقهما، والمعلوم عدم الاتفاق، ولو قدر وقوعه احتاج إلى اتفاق آخر؛ لأنه من جملة الأفعال المحتاجة إلى ذلك، فيؤدي إلى ما لا نهاية له، وهو محال.

  أجاب الرازي بأنه قد ثبت بالدليل العقلي القاطع أن الله تعالى خالق أفعال العباد، إما بواسطة، أو بغير واسطة، وما تمسكتم به فوجوه نقلية قابلة للاحتمال، فلا تقاوم القطعي.

  والجواب: أنه لا دليل لكم، لا من العقلِ ولا من النقل، والشبه العقلية التي تمسكتم بها قد أبطلناها في الاستعاذة وغيرها، والمتشابهات التي اتبعتموها قد بينا الوجوه الصحيحة فيها.