المسألة التاسعة [في الفسق والفساق]
  هذا وأما الخوارج فلهم شبه كذلك عقلية، وسمعية:
[الأولى استحقاق الفاسق للذم]
  أما العقلية فأحدها: أن الفاسق يستحق الذم والإهانة وعذاب النار، فيجب أن يكون كافراً.
  والجواب: أن هذا لا يصح الاحتجاج به إلا لو كان الكافر لم يسمِّ كافراً إلا لذلك، وليس كذلك، فإنه إنما سمي كافراً لاستحقاقه العقاب الأعظم، وأحكام مخصوصة، وليس شيء من ذلك ثابتاً للفاسق.
الشبهة الثانية [شبهة أن التقسيم الديني للكفر والإيمان]
  أن الإيمان والكفر دينان معلومان، ولهما أحكام، فلو كان الفسق منزلة ثالثة لكان ديناً معلوماً وله أحكام.
  والجواب: أن للفسق أحكاماً تخالف أحكامهما(١)، ولا يلزم تسميته ديناً مستقلاً؛ إذ لا يسمى ديناً إلا ما كان من باب الاعتقاد.
  قلت: الفسق قد يكون من باب الاعتقاد. كالباغي، إذا كان معتقداً أنه محق في بغيه، والكفر قد لا يكون من باب الاعتقاد، كلبس الزنار، وإظهار كلمة الكفر اختياراً ممن لا يعتقد معناها، ونحو ذلك؛ فالأولى أن يقال: لا نسلم أن كل كفر يكون ديناً أي يعتقده صاحبه ديناً، فكذلك الفسق لا يجب فيه ذلك، بل كل منهما قد يكون ديناً، وقد لا يكون ديناً، وأما الأحكام فقد ثبت لكل منهما حكم يخالف حكم الآخر.
(١) أي أحكام الإيمان والكفر. تمت مؤلف.