الموضع الثالث: في ذكر شبه المخالفين والرد عليها
  وقصرها في عدم استحقاق المدح والذم عليها البتة، وفي ذلك قبح بعثة الأنبياء $ وبطلان الشرائع؛ لأن الله إذا كان هو الموجد للظلم ونحوه فما فائدة النهي عنه والتعبد بتركه، وكذلك سائر الشرائع ما فائدة الدعاء إليها والأمر بها؛ إذ لا معنى لإرسال الرسل على قود مذهبهم ودعائهم إلى الشرائع، كما أنه لا يجوز بعثة الرسل لدعاء الخلق إلى الخروج من صورهم وألوانهم، وهذا ظاهر، بل على مذهبهم يلزم إبطال فائدة كل إمام وواعظ، وداعي إلى الله من أول الدنيا إلى آخرها، ولا شك أن كل مذهب يؤدي إلى الباطل فهو باطل.
  اللازم الثاني: قبح مجاهدة الكفار؛ لأن لهم أن يقولوا تجاهدوننا لأن الله خلق فينا الكفر، أو لأجل أنه لم يخلق فينا الإيمان، وكل ذلك بمنزلة مجاهدتنا على صورنا وألواننا.
  الثالث: قبح الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لنحو ما مر، ولأن الأمر إما أن يكون آمراً بالواقع، وذلك قبيح كأمر المرمي به من شاهق بالنزول لأنه عبث، وإما أن يكون أمراً بما لا يقدر عليه المأمور على أصلهم فيكون أمراً بما لا يطاق، وقبحه معلوم، وهكذا الكلام في النهي عن المنكر.
  الرابع: أن تكون الحجة للكفار على الأنبياء؛ لأنهم يقولون للمرسل إليهم: تدعونا إلى الإسلام، ومن أرسلك إلينا، أراد منا الكفر وجعلنا بحيث لا يمكننا الانفكاك عنه، ولهم قطع المرسل أيضاً من وجه آخر لأنهم يقولون: إن كنت تدعونا إلى ما خلقه الله فينا