الفصل الثاني: في تحقيق مسألة أفعال العباد
  فإن ذلك مما لا فائدة فيه، وإن كنت تدعونا إلى ما لم يخلقه الله فينا فذلك مما لا نطيقه.
  الخامس: أنه يلزمهم التسوية بين الرسول وإبليس لأن الرسول يدعوهم إلى خلاف ما أراده الله منهم، كما أن إبليس يدعوهم إلى ذلك، بل يلزم أن يكون حال الرسول أسوء من حال إبليس لأن إبليس يدعوهم إلى ما أراده الله بزعمهم والرسول يدعوهم إلى خلافه، وكل مذهب يؤدي إلى هذا فكافيك به فساداً.
  السادس: أن يكون الباري تعالى بعث الرسل لتغيير خلقه وتجهيله وليقع خلاف ما أراد، وبيانه أن الله تعالى بعث الرسل إلى الكفار ليتركوا الكفر مع أنه الذي خلقه فيهم وأراده منهم، فطلب الرسل تركه تغيير له وهو خلق الله تعالى فيهم، وأما تجهيله وطلبهم وقوع خلاف ما أراد، فلأنهم طلبوا خلاف(١) ما علم وقوعه وخلاف ما أراد منهم لأنه أراد منهم الكفر، والرسل طلبوا الإيمان. نعوذ بالله من الضلالة، ومن كل مذهب يؤدي إلى مثل هذه الجهالة.
  السابع: أن مذهبهم يؤدي إلى الإغراء بالمعاصي وترك التوبة؛ لأن أحد شرائط التوبة الاعتراف وهو قولك: أذنبت أو نحوه، وإذا كانت المعصية من فعل الله فلا يتصور من العبد الاعتراف، وأيضاً يدخل في المعاصي ويقول: إذا أراد الله مني التوبة تبت، أو يقول: أنا لا أقدر عليها. وفي هذا القدر كفاية من ذكر الإلزامات القاضية ببطلان مذهبهم الردي، ومن أراد الزيادة فلا يعدمها.
(١) وهو الإيمان فإنه خلاف للكفر أي ضد له. تمت مؤلف.