الفصل الثاني: في تحقيق مسألة أفعال العباد
  واعلم أنهم إذا عرفوا أن هذه الإلزامات لازمة لهم قالوا: قال تعالى: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ٢٣}[الأنبياء].
  والجواب: أن الآية الكريمة كلمة صادقة، فإنه تعالى لا يسأل عما يفعل، ولكنه قد بين أن فعله العدل فلا فرح لهم فيها. وأما الحكايات والمناظرات فمنها ما روي أن أبا الهذيل قال لحفص الفرد: يا أبا عثمان هل تعرف غير الله وغير ما خلق؟ فقال: لا، فقال: فعذب الله الكافر على أنه الله أو على أنه خلق؟ فقال: لا على واحد منهما. فقال: فعلام؟ قال: على أنه عصى. قال: فكونه عصي، قسم ثالث قال: لا، فأعاد السؤال فانقطع وكان النظام حاضراً فلقن حفصاً حجته فقال: قل لأنه اكتسبها فقال: ذلك، فقال: هل الكسب شيء غير الله وغير ما خلق؟ قال: لا، فأعاد السؤال فانقطع، ولما قيل للنظام: ما بالك ذكرته الكسب؟ قال: لأني قد علمت أنه يذكره عند انفصاله من المجلس، وعلمت أن أبا الهذيل لا ينقطع عن جوابه، فأردت أن ينقطع مرة واحدة.
  ومنها ما روي أنه أتي بعض الولاة بطرار أحول العين وعنده عدلي ومجبر، فقال للمجبر: ما ترى نفعل فيه؟ فقال: تضربه خمسة عشر سوطاً، فقال للعدلي: ما تشير؟ فقال: تضربه ثلاثين سوطاً خمسة عشر لكونه طراراً، وخمسة عشر لكونه أحول العين، فقال المجبر: أتضربه على الحول ولا صنع له فيه، فقال: نعم إذا كانا جميعاً من فعل الله تعالى فالحول والطر سواء، فانقطع المجبر.
  ومنها ما روي أن عدلياً سأل مجبراً فقال ما تقول: إراداة الله أحسن