مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون 28}

صفحة 2637 - الجزء 4

  فيقال: ما علمكم بهذا الرجل؟ فأما المؤمن أو الموقن فيقول: هو محمد رسول الله جاءنا بالبينات والهدى فأجبنا واتبعنا، فيقال له: علمنا أن كنت لمؤمناً، ثم صالحاً؛ وأما المنافق أو المرتاب فيقول: لا أدري سمعت الناس يقولون شيئاً فقلت».

  قلت: فهذه الأحاديث مع ما في المسألة من غيرها دليل واضح، وبرهان صريح على صحة قول القاسم بن إبراهيم، والحسن بن يحيى، ومحمد بن منصور أن الأحاديث في عذاب القبر ومنكر ونكير كثيرة ثابتة صحيحة، وتدلُّ على بطلان قول البستي وضرار.

  وأما ما استندا إليه من تضمن هذه الأخبار تسمية الملكين باسمين قبيحين، فجوابه من وجهين:

  أحدهما: أن الأعلام لا تفيد معنى سوى تمييز المسمى وتعيينه، ولهذا تقع على الشيء ومخالفه وقوعاً واحداً. نحو زيد فإنه يقع على الأسود كما يقع على الأبيض والقصير والطويل، وإذا كانت كذلك فلفظ منكر ونكير ليسا إلا علمين للملكين، لا يستفاد منهما ذم ولا نقص، ولا غيرهما، سوى تمييز الملكين، كسائر الأعلام، وقد كانت العرب تسمي كلباً، وذئباً، وأسداً، لم يريدوا بها مدحاً ولا ذماً.

  الوجه الثاني: أَنَّا لو سلمنا أنهما يتضمنان الوصف فلا نسلم تضمنهما وصفاً قبيحاً؛ إذ ليس المنكر هو القبيح في أصل الوضع، بل هو ما لا يعرفه الغير، ولما كانا على خلق هائل عظيم سميا بهذين الاسمين من حيث أن العبد لا يعرفهما.