المسألة الخامسة [شبهة استدلال المجسمة بهذه الآية على أن الله ø شأنه في كل مكان]
  وقالت المجسمة: بل له مكان؛ ثم اختلفوا، فالمحققون في التجسيم كالهشاميين ومن تبعهما يجعلونه كغيره من الأجسام في الحاجة إلى المكان، والتمكن فيه - والاستقرار عليه، والتنقل في الجهات بناء على مذهبهم الفاسد.
  وقالت الكلابية: بل هو على العرش بلا استقرار.
  وقال بعض الكرامية: بل هو تعالى بجهة فوق أي في الجهة التي توصف بالفوقية غير معينة. وقيل: كلامهم يحتمل أنه بجهة فوقلا على معنى أنه شاغل للجهة، ويحتمل أنه فوق العرش مماس له؛ أشار إلى هذين الاحتمالين الإمام يحيى، وحكى # عن بعضهم قولاً آخر، وهو أن ذاته بكل مكان، وأنه فضاء لا نهاية له.
  قال الشرفي: وهؤلاء هم عباد الأهوية؛ لاعتقادهم أن الهوى هو ربهم قالوا: لأنه محيطً بالأشياء، فيه كل شيء، ومع كل شيء، وفيه الحياة، وعند انقطاعه الموت.
  احتج الأولون بوجوه:
  أحدها: أن المكان والجهة إذا اختصت بهما ذات فاختصاصها بهما يستلزم الجسمية؛ إذ لا يختص بهما إلا ما يتحيز فيهما، وذلك معلوم ضرورة، والجسمية تستلزم الحدوث؛ لما مرَّ في الفاتحةّ من البرهان القاطع على أن كل جسم محدث، والحدوث والجسمية باطلان في حق الباري تعالى.