مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون 28}

صفحة 2644 - الجزء 4

  قلت: ويمكن أنهم إنما امتنعوا من القول بخلو سائر المواضع عن علمه تعالى كما قررناه، فألزمهم أمير المؤمنين بأن خلو الذات عن الموضع يستلزم الخلو عن العلم بها، وبما يحدث فيها. والله أعلم.

  الوجه الثالث: أن هذا المكان الذي زعمتموه لا يخلو إما أن يكون قديماً، أو محدثاً؛ إذ لا واسطة، الأول باطل؛ إذ لا قديم إلا الله تعالى، وأيضاً، لو كان قديماً لكان إلهاً ثانياً؛ لأن الاشتراك في صفة ذاتية يوجب الاشتراك في سائر الصفات الذاتية، والمعلوم أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له كما مر في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} الآية [البقرة: ٢١]، والثاني باطل أيضاً؛ إذ لو كان محدثاً لكان الباري تعالى منتقلاً إليه، وإذا كان منتقلاً كان محدثا؛ لأن الانتقال دليل الحدوث، فثبت بهذه الوجوه أن الله تعالى ليس بذي مكان ولا انتقال؛ ويؤيده من كلام أمير المؤمنين # مع ما مر قوله #: (لا يشغله شأن، ولا يغيره زمان، ولا يحويه مكان). رواه في (النهج)، وقال #: (لا ينظر بعين، ولا يحد بأين). رواه في (النهج).

  قال ابن أبي الحديد: إن شئت قلت: إنه تكلم على الاصطلاح الحكمي، والأين عندهم حصول الجسم في مكان. وقال #: (الحمد لله الكائن قبل أن يكون كرسي أو عرش، أو سماء أو أرض، أو جان أو إنس). رواه في (النهج).

  هذا، وقد تعلق هؤلاء المجسمة بشبه، منها ما هو جواب على بعض الوجوه السابقة، ومنها ما هو شبهة دليل على دعواهم هذه.