مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الخامسة [شبهة استدلال المجسمة بهذه الآية على أن الله ø شأنه في كل مكان]

صفحة 2646 - الجزء 4

  بها. والجواب أنه قد ثبت بما قدمنا أنه لا مكان له سبحانه وتعالى ولا جهة، وحينئذ فالواجب تأويل ما كان ظاهره يقتضي ذلك؛ إذ الدليل السمعي معرض للتأويل والاحتمال لوجوه المجاز، والدليل العقلي لا يحتمل ذلك، فكان هو المحكم، لا سيما وقد ورد السمع بمطابقته، قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}⁣[الشورى: ١١] وقولكم وما تقتضيه شبهكم يخالف هذه الآية المحكمة.

  إذا عرفت هذا فنقول: معنى الآية: ثم إلى حكمه ترجعون أو إلى جزائه؛ لأنه تعالى يبعث من في القبور، ويجمعهم في المحشر، ويحكم فيهم بحكمه العدل، ويجازيهم بما هم أهله، وذلك هو معنى الرجوع إلى الله تعالى. وإنما وصف بذلك؛ لأنه رجوع إلى حيث لا يتولى الحكم غيره كقولهم: أرجع أمره إلى الأمير، أي إلى حيث لا يتولى الحكم غيره.

  نعم، وبقي الكلام على ما اختص به الكلابية، وهو قولهم: إنه على العرش بلا استقرار، وما اختص به الكرامية من الشبهة على أنه بجهة فوق، وما قاله عباد الأهوية.

  فأما الكلابية فشبهتهم، أنه قد جاء في القرآن أنه على العرش استوى. فوجب التصديق به، ودلَّ الدليل العقلي على أنه ليس بجسم فوجب نفي الاستقرار؛ لاستلزامه الجسمية.

  والجواب: أن العقل كما منع من الاستقرار فكذلك هو يمنع من حمل الآية على ظاهرها؛ لاستلزامه التجسيم، أو إثبات ما لا يعقل؛