تفسير قوله تعالى: {كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون 28}
  والقائم على كل شيء، والمدبر لكل شيء، ويدلُّ على هذا سائر كلمات الوصي # المتضمنة لهذا المعنى، وكلام الإمام أحمد بن سليمان صريح فيه.
  وأما قوله #: (مع كل شيء لا بمقارنة ... إلخ) فقال ابن أبي الحديد: مراده # بذلك أنه يعلم الجزئيات والكليات، كما قال سبحانه: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ}[المجادلة: ٧].
  قال: وأما قوله: (وغير كل شيء لا بمزايلة) فحق؛ لأن الغيرين في الشاهد هما ما زايل أحدهما الآخر وباينه بمكان أو زمان، والباري سبحانه يباين الموجودات مبيانة منزهة عن الزمان والمكان، فصدق عليه أنه غير كل شيء لا بمزايلة.
  قلت: وهذا معنى كلام الإمام أحمد بن سليمان عليه وسلم.
  وأما قوله #: (لم يحلل في الأشياء ... إلخ) فقال ابن أبي الحديد: ينبغي أن يراد أنه لم ينأ عن الأشياء نأياً مكانياً فيقال: هو بائن بالمكان؛ لأنه لا يجوز إطلاق القول بأنه ليس ببائن عن الأشياء، ولكنها بينونة بالذات، لا بالجهة.
  ولقائل أن يقول: ما المانع من أن يقال: مراده # أنه لم ينأ عن الأشياء بعلمه وتدبيره، فيكون معناه كمعنى قوله: (وإنه لبكل مكان) وقوله: (مع كل شيء لا بمقارنة) وهذا هو الظاهر من كلامه #؛ ولهذا جعلناه أحد الأدلة على جواز إطلاق القول بأن الله تعالى بكل مكان إذا قصد به المعنى الصحيح.