المسألة الثالثة [شبهة الإباحية في هذه الآية]
  أو غيره محبة الله الحلوله جل وعلا بزعمهم في المنكوح تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، وتمسكوا بظواهر من القرآن ومنه الآية المذكورة، وخالفهم المسلمون في ذلك: وقالوا ما ورد الشرع بتحريمه فلا يحل تناوله، وأدلة ذلك معلومة كما في قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ ...} الآية [المائدة: ٣] ونحوها.
  وأما قولهم: المال مال الله ... إلخ فمسلم لكن لا نسلم أن لعبده تناول ماله إلا بإذنه وقد خص تعالى بعض عبيده ببعض ماله بوجه من وجوه التخصيص والتمليك، ثم منع من تناوله إلا بإذن المخصوص به كما في قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ}[البقرة: ١٨٨] وغيرها.
  وأما ما ذكروه في النكاح وأنه محبوب الله، نعوذ بالله من التجاسر على إطلاق هذه المقالة في حق رب العالمين، المنزه عن مشابهة المخلوقين، فبطلان ذلك معلوم.
  وأما الآية فما ذكرنا من أدلة تخصيص بعض لبعض، وتحريم ما اختص به أحد عبيده على غيره إلا بشروط مخصوصة يدفع ظاهرها على أنه لا ظاهر لها فيما راموه؛ لأنه تعالى قابل الكل بالكلْ فيقتضي مقابلة الفرد بالفرد، وتعيين أفراد ما في الأرض لأفراد العبيد مستفاد من دليل منفصل، وهو المسمى بطريق الرزق، وهو قسمان: عقلي، وشرعي.