مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الرابعة [حقيقة الرزق]

صفحة 2706 - الجزء 5

  أما العقلي فنحو ما يحوزه ويحصله العبد من المباحات كإحياء الأرض، أو يكون طريقه المكاسب كالإجارات وعقود المعاوضات، أو يكون مبتدأ كالهبات والإباحات ونحوها وليس احتياج ذلك إلى شروط شرعية يخرجها عن كونها عقلية؛ لأنا لو خلينا وقضية العقل لاستحسنا التصرف فيها عند حصول أحد هذه الأسباب.

  وأما الشرعي فكالمواريث والوصايا؛ إذ لو خلينا وقضية العقل لأجريناه مجرى ما لا مالك له فيكون لمن سبق إليه، لكن الشرع خص به بعضاً دون بعض، وكذلك الغنائم والصدقات وبيوت الأموال، فإن العقل يقضي بأن أهلها أحق بها.

المسألة الرابعة [حقيقة الرزق]

  دلت الآية على أنه اللَّه تعالى هو الرازق حقيقة لإفادتها الحصر المستفاد من تعريف المسند إليه فكأنه قال: لم يخلق لكم ما في الأرض إلا هو، ومتى صار ذلك ملكاً لنا فلأحد الأمور التي جعلها الله أسباباً للملك، وقد مرت، ويزيده وضوحاً أن أحدنا قد يجتهد في الطلب فلا يحصل وقد يحصل بأيسر ما يكون، وقد يدخل في ملكنا بغير اختيارنا كالمواريث، وهذا متفق عليه بين العدلية والجبرية، وقالوا كلهم: لا يقدر على إحداث الرزق غيره؛ لأنه إما جسم وهو ما يغتذى به ولا طعم له كالخبز والماء، وقد مر أن الجسم لا يقدر عليه إلا اللَّه تعالى، وإما عرض وهو ما لا يغتذى بمحله إلا لأجله كحلاوة التمر والعنب ونحوهما، فإنه لولا الحلاوة لما اغتذي بهما، فهي المنتفع بها