مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة السابعة [حق الله وحق العباد وأيهما يقدم]

صفحة 2729 - الجزء 5

المسألة السابعة [حق اللّه وحق العباد وأيهما يقدم]

  استدل بعض العلماء بقوله تعالى: {خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ}⁣[البقرة: ٢٩] على أنه إذا تعارض حق الله تعالى وحق العباد الماليان كان الواجب تقديم حق العباد؛ لأن الآية تدل على أنهم المقصودون بخلق ما في الأرض، ولأن في تقديمها وفاء بالحقين؛ لأن وصول ذي الحق إلى حقه من أفراد المصالح العامة، ولأن دين العباد واجب عقلاً وشرعاً، وهم فقراء محتاجون ودين الله واجب شرعاً فقط، وهو غني لا تجوز عليه الحاجة بحال؛ ولأن دين الآدمي مبني على المشاححة والمضايقة، ومستحقه متعين وهذا قول زيد بن علي، والداعي، والمؤيد باللّه، والإمام يحيى، وأبي حنيفة وأصحابه، وقول للشافعي، ورواه في (البحر) عن أبي طالب، وقال في غيره: هو تحصيل الأخوين للهادي.

  وقيل: بل يقدم حق اللّه لقوله ÷: «فدين اللّه أحق أن يقضى» وهو حديث ثابت عند أئمتنا والمحدثين، من رواية ابن عباس وغيره، وسيأتي ذكره في حكم الصوم، والحج عن الميت، وله ألفاظ، ففي بعضها: «فدين اللّه أولى»، وفي بعضها: «فدين اللّه أحق بالوفاء» وهو في (الجامع الكافي) بلفظ: «دين اللّه أحق أن يقضى من دين الناس»، وهذا أحد أقوال الشافعي، قال النووي: وهو أصحها، ويشهد له قوله تعالى: {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ}⁣[التوبة: ٦٢] ولا شك أن توفير حقوقه جل وعلا إرضاء له، كما أن توفير حقوق الآدمي إرضاء له، وقد نصت الآية على أن اللّه تعالى أحق بالإرضاء،