المسألة السابعة [حق الله وحق العباد وأيهما يقدم]
  ويدل عليه من جهة النظر أن معنى كونه للّه أنه للمصالح العامة وليس معناه أنه ملك؛ إذ له ما في السماوات وما في الأرض، فيكون بها(١) حفظ قواعد الدين ونفاذ شوكته، وبحفظ الدين تتصل الحقوق كلها بأربابها، وبضياعها تضيع جميع الحقوق، فهو كصرف غلة الوقف في عمارته أولاً، ثم تصرف الفضلة في المصرف، ولأن في تقديم حقوق الله وفاء بالحقين؛ إذ بتقديمها يصل كل أحد إلى حصته من المصالح العامة.
  وأما ما احتج به الأولون فضعيف، أما الآية فليس فيها إلا إباحة ما في الأرض، وتمليكهم إياه، وإطلاق الانتفاع به من جملة الانتفاع تخليص ذممهم من الحقوق اللازمة، سواء كانت للّه أم للعباد، وبيان كيفية تخليص الحقوق وترتيب أدائها مأخوذ من دليل آخر، وقد دل الدليل على أن حق اللّه أقدم.
  وأما قولهم إن في تقديمها وفاء بالحقين؛ لأن وصول العبد إلى حقه من أفراد المصالح فلا نسلم أن وصول فرد إلى حقه يكون وفاء بحق غيره، لعدم المشاركة، وإنما يكون وفاء بالحقين إذا قدم حق الله، كما مر.
  وأما قولهم: إن دليل وفاء الآدمي عقلي وشرعي، وأما دين اللّه فشرعي فقط، فضعيف؛ لأن العقل يحكم في الجملة بوجوب قضاء كل دين، سلمنا، فذلك لا يقتضي التقديم؛ إذ المعتبر في الدليل ثبوت دلالته، وإفادته الحكم.
(١) أي بحقوق اللّه. تمت مؤلف.