المسألة العاشرة [الرد على المشككين في القرآن الكريم]
  ثانيها: أن خلق جرم الأرض قبل خلق السماء، إلا أنه ما دحاها حتى خلق السماء. وهذا قول جماعة من المفسرين وغيرهم، قال في تفسير القرطبي: قال مجاهد وغيره من المفسرين: إنه تعالى أيبس الماء الذي كان عرشه عليه، فجعله أرضا، وثار منه دخان، فارتفع، فجعله سماء، فصار خلق الأرض قبل خلق السماء با ثم قصد أمره إلى السماء فسواهن سبع سماوات، ثم دحا الأرض أي بسطها بعد ذلك وكانت غير مدحوة.
  وفي (الكشاف) عن الحسن: خلق اللّه الأرض في موضع بيت المقدس كهيئة الفهر عليها دخان ملتزق بها، ثم أصعد الدخان وخلق منه السماوات، وأمسك الفهر في موضعها، فذلك قوله: {كَانَتَا رَتْقًا}[الأنبياء: ٣٠] وهو الالتزاق. ويؤيده ما رواه ابن جرير: قال: حدثنا المثنى، قال: حدثنا أبو صالح، قال: حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله. حيث ذكر خلق الأرض قبل السماء، اثم ذكر السماء قبل الأرض: وذلك أن الله خلق الأرض بأقواتها من غير أن يدحوها قبل السماء، ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات، ثم دحا الأرض بعد ذلك، فذلك قوله: {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا ٣٠}[النازعات].
  قلت: وظاهر الآية يؤيد هذا الوجه؛ لأنه أخبر فيها بالاستواء إلى السماء لتسويتها سبع سماوات، والاستواء إليها يقتضي تقدم خلقها؛ إذ المفهوم من إطلاق قولنا: استوى فلان إلى ضيعته لإصلاحها