مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الحادية عشرة [دلالة الآية على مسألة أن الله عالم]

صفحة 2764 - الجزء 5

  والمعلوم أنه لا يشتق اسم الفاعل إلا من الفعل الذي فعله المشتق له، فإن فعله به غيره اشتق له اسم مفعول، وإذا ثبت ذلك وجب أن يكون القادر العالم منا مقدرا ومعلم في الحقيقة؛ لأن القدرة والعلم مخلوقان له ومجعولان فيه، فيكون استعمال قادر وعالم فينا مجازاً، لكن لما كنا محلاً للقدرة والعلم ساغ بإذن الشرع إطلاق قادر وعالم على الواحد منا مجازاً، كما يقال: التراب منبت للبقل، والمنبت حقيقة هو اللّه تعالى، ولا يلزم الجبر؛ لأن القدرة غير موجبة للمقدور، وليس كذلك ضارب وقاتل، فإنهما حقيقة؛ لأنا الفاعلون للضرب والقتل، والاشتقاق وقع في فعلنا.

  فإن قيل: استعمال قادر وعالم في المخلوق من دون قرينة دليل كونهما حقيقة.

  قلنا: العقل أقوى قرينة، ولا يشترط في كل مجاز أن تكون قرينته لفظية، بإجماع أهل اللغة، ولذا قالوا: سال الوادي، وجرى الميزاب. ونحو ذلك.

  قال: ثم نقول: هل تقول: إن اسم قادر في الخالق والمخلوق على سواء أم لا؟ إن كان الأول لزم الكفر؛ لأن اللّه تعالى قادر لا باعتبار غيره والمخلوق قادر باعتبار غيره، وإن كان الثاني فهو الذي نقول، وكذلك عالم.