مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

الركن الرابع: المستعاذ منه وهو الشيطان

صفحة 265 - الجزء 1

  والمصائب، وخلق الحيات والعقارب، ووجه الحكمة في ذلك ما فيه من التعريض على الخير بالصبر على البلوى والمحنة، فإن قلت: إذا كان وجه الحكمة في تمكين إبليس من الإغواء هو ما ذكرتم من زيادة مشقة التكليف التي يعظم معها الثواب، فهل يحسن من الله تمكينه من إضلال من لو لم يدعه إلى الضلال لم يضل؟

  قلت: قد اختلف في ذلك أبو هاشم وأبو علي، فقال أبو هاشم: يجوز ذلك كما تجوز زيادة الشهوة لمن لو لم يزدها له لم يعص؛ لأن ذلك زيادة في مشقة التكليف وهي جائزة، كما جاز ابتداء التكليف لمن علم أنه لا ينتفع به تعريضاً للثواب، فكذلك تجوز الزيادة في المشقة تعريضاً للزيادة في الثواب.

  وقال (أبو علي): لا يجوز شيء من ذلك⁣(⁣١) إذ تكون تلك الزيادة مفسدة للمكلف حينئذٍ، وأجيب بأن تلك الزيادة لو كانت مفسدة للزم في ابتداء تكليف من علم أنه يكفر أن يكون مفسدة لاستوائهما في كونهما تعريضاً للثواب، والمعلوم خلافه.

  قال الإمام (المهدي) #: ولقد خالف أبو علي في هذه المسألة ظواهر نصوص كثيرة من القرآن كقوله تعالى: {لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا}⁣[الأعراف: ٢٧].

  فصرح تعالى بأن خروجهما كان بسبب وسوسته، وقال تعالى: {إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ ٤٢}⁣[الحجر]، ونظائر ذلك كثيرة.


(١) يعني لا تمكين إبليس ولا زيادة الشهوة. تمت مؤلف.