مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمو

صفحة 2776 - الجزء 5

  منهم من الشرور، فأجابهم اللّه تعالى بأنه يعلم من الخير الكثير الحاصل منهم ما لا يعلمه الملائكة، وهذا جواب الحكماء، والأولان للعدلية.

  الرابع: أن جوابهم كان على جهة المبالغة في إعظام اللّه تعالى، فإن العبد المخلص لشدة حبه لمولاه يكره أن يكون له عبد يعصيه.

  الخامس: أن ذلك مسألة منهم أن يجعل الأرض لهم أو بعضها إن كان ذلك صلاحاً؛ فكأنهم قالوا: اجعل الأرض لنا لا لهم، كما قال موسى #: {أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا}⁣[الأعراف: ١٥٥] أي لا تهلكنا، فأجابهم الله بأنه يعلم من صلاح الفريقين ما لا يعلمه الملائكة، وأن المصلحة للملائكة في إسكانهم السماء، ولبني آدم في إسكانهم الأرض.

  السادس: أن هذا الاستفهام خارج مخرج الإيجاب كقول جرير:

  ألستم خير من ركب المطايا

  أي أنتم، وإلا لم يكن مدحاً، فكأنهم قالوا: أنت تفعل ذلك ونحن هذا نسبحك ونقدسك؛ لأنا نعلم أنك لا تفعل إلا الصواب والحكمة، فقال تعالى: {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ٣٠}⁣[البقرة] فأنتم علمتم ظاهرهم وهو الفساد والقتل وأنا علمت ظاهرهم وما في باطنهم من الأسرار الخفية التي تقتضي إيجادهم.

  وأما قولكم: إنهم طعنوا على بني آدم.

  فالجواب: أن من أراد إيراد سؤال وجب أن يذكر موضع الإشكال،